الرؤساء الأميركيون وجوه متعددة لعملة واحدة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الرؤساء الأميركيون وجوه متعددة لعملة واحدة
مثّلَت إدارة الرئيس الأميركي بوش الإبن الراحلة محاولة جديدة غير مسبوقة في تاريخ اليمين السياسي الغربي، لـ «إعادة صياغة العالم» عبر منظور أيديولوجي - سياسي متكامل، (شبيه بمحاوله اليسار الماركسي البلشفي بعد العام 1917) انطلق من رؤية فلسفية محددة أعطاها فيلسوف المحافظين الجدد ليو شــتراوس (1899-1973) كانت على الطرف النقيض من الاتجاه الحداثي الغربي البادئ من عصر الأنوار الفرنسي، ولها رؤية للاقتصاد تقوم على استقالة الدولة من أدوارها الاقتصادية - الاجتماعية لترك السوق لحركتها الذاتية الكاملة، وتقوم على أنه يمكن «بناء القرن الجديد بما يتفق والمبادئ والمصالح الأميركية»، كما تنص وثيقة التأسيس (المسماة «إعلان مبادئ») لتيار المحافظين الجدد الصادرة في 3 حزيران (يونيو) 1997 والمــوجهة ضد إدارة كلينتون، والتي وقعها تشيني ورامسفيلد ووولفوفيتز وإليوت أبرامز وآخرون.
كان بيل كلينتون مختلفاً في رؤيته للعالم عن هؤلاء، الذين قالوا في وثيقتهم تلك إن سياسته الخارجية «بلا هدف ومن دون تماسك، وأنها على وشك تبديد الفرص الناتجة من قيادة الولايات المتحدة للغرب للانتصار في الحرب الباردة» من خلال سياسته التي تقوم على الاعتراف بالوقائع القائمة (في منظمات الأمم المتحدة وفي الحلف الأطلسي وعند أنظمة العالم «المارقة» المطلوب تغيير سلوكها لا تغييرها) كطريق إلى تحقيق السياسات الأميركية وتمريرها عبر نوافذ تلك الوقائع، بدلاً من تجاوزها وقلبها وتغييرها ولو عبر القوة العابرة للحدود، في حين أن تجاوز تلك المنظمات ومحاولة قلب الأنظمة، الشيء الذي حاوله «المحافظون الجدد» خلال السنوات الثماني المنصرمة من عهد بوش الإبن، أديا إلى هزِ العالم وزلزلته.
لا نجد خلال القرن العشرين تلك الفوارق الشاسعة بين الإدارات الأميركية، من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، كالتي توجد بين بوش الإبن وكلينتون، أو بينه وبين باراك أوباما الذي يستعيد الكثير من سياسات ورجالات عهد كلينتون، إذ كانت الفوارق غير جوهرية وتفصيلية بين ترومان وأيزنهاور في مواضيع (السوفيات والخطر الشيوعي) و(الاقتصاد) وهذا الأمر يلاحظ أيضاً بين كينيدي وجونسون اللذين اشتركا في النظر أميركياً لما سمي بـ (العالم الثالث) لتبدأ الفوارق مع نيكسون (ومستشاره كيسنجر) الذي بدأ بانتهاج سياسة التعايش السلمي مع السوفيات وبقبول الوقائع القائمة في أوروبا وفقاً لـ (يالطا) ولو بالترافق مع محاولة تطويق الكرملين وإضعافه من خلال التقارب مع الصين، وعبر محاولة قلب الوقائع في الشرق الأوسط بواسطة سياسة نقل مصر من الحضن السوفياتي الى الطرف الآخر، لتزداد تلك الفوارق جذرية مع إدارة ريغان الذي قدم رؤية أكثر يمينية في موضوع (الاقتصاد) واعتمد المجابهة مع «امبراطورية الشر» حتى استطاع هزيمة موسكو في الحرب الباردة (1947-1987).
هنا، يلاحظ أن ما بين كل تلك الإدارات الأميركية، الممتدة من ترومان الى ريغان، كانت الاختلافات شاملة مواضيع الاقتصاد والعلاقات الدولية فقط، وأيضاً جوانب من السياسات الداخلية، فيما لم تصل إلى النظرة الفلسفية - الأيديولوجية - السياسية للعالم التي ظلت تجمع أولئك الذين تعاقبوا على البيت الأبيض وإن كان ريغان أكثرهم يمينية. وفي هذا الصدد يلمس، وهذه نقطة لافتة، أن إدارتي بوش الأب (1989-1993) وكلينتون (1993- 2001) مثّلَتا، في ظرف ما بعد الانتصار الأميركي في الحرب الباردة، الكثير من العودة إلى سياسات عهد نيكسون – كيسنجر» الواقعية «على صعيد العلاقات الدولية، وهذا كان الأساس في المنظور المضاد والمعاكس الذي قدمه المحافظون الجدد، الذين رأوا أن الانتصار الأميركي ذاك لا يقود إلى «الإنعزالية» ولا إلى الاعتراف بالوقائع القائمة، وإنما «يجب» أن يتم التحول نحو اقتحامية أميركية تستخدم فيها قوة واشنطن المتفوقة عسكرياً، وإن بتجاوز وقائع الدول القائمة والحدود والمنظمات الدولية، لإعادة صياغة العالم أميركياً وتغييره من خلال بوابتي (اقتصاد السوق) و (الديموقراطية).
مع حملته الانتخابية ثم بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، يعود باراك أوباما إلى منظور كلينتون وبعض مسؤولي إدارة بوش الأب مثل جيمس بيكر ووزير الدفاع المُستبقى غيتس الذي استعان به بوش الإبن بعد استقالة رامسفيلد في خريف عام 2006 إثر وصول سياسات المحافظين الجدد الى الحائط المسدود في العراق وشرق أوسط ما بعد حرب تموز (يوليو) 2006.
السؤال الآن: هل ترجع سياسة أوباما أسبابها وعواملها إلى مآزق وفشل واستعصاءات سياسة إدارة بوش الإبن على الصعيد الدولي أيضاً بعد محطات (أفغانستان) و (لبنان) و (جيورجيا) في عام 2008، وعلى الصعيد الاقتصادي إثر أزمة وول ستريت منذ الخريف الماضي، أم أن هناك عاملاً آخر إضافياً هو الأساس، يتمثل في قوى اجتماعية واقتصادية أميركية حملت أوباما انتخابياً إلى المكتب البيضوي تمتلك رؤية مختلفة عن تلك التي حملت بوش الإبن، في مجال الأيديولوجيا والسياسات الدولية والاقتصاد، وفي المسائل المحلية؟
كان بيل كلينتون مختلفاً في رؤيته للعالم عن هؤلاء، الذين قالوا في وثيقتهم تلك إن سياسته الخارجية «بلا هدف ومن دون تماسك، وأنها على وشك تبديد الفرص الناتجة من قيادة الولايات المتحدة للغرب للانتصار في الحرب الباردة» من خلال سياسته التي تقوم على الاعتراف بالوقائع القائمة (في منظمات الأمم المتحدة وفي الحلف الأطلسي وعند أنظمة العالم «المارقة» المطلوب تغيير سلوكها لا تغييرها) كطريق إلى تحقيق السياسات الأميركية وتمريرها عبر نوافذ تلك الوقائع، بدلاً من تجاوزها وقلبها وتغييرها ولو عبر القوة العابرة للحدود، في حين أن تجاوز تلك المنظمات ومحاولة قلب الأنظمة، الشيء الذي حاوله «المحافظون الجدد» خلال السنوات الثماني المنصرمة من عهد بوش الإبن، أديا إلى هزِ العالم وزلزلته.
لا نجد خلال القرن العشرين تلك الفوارق الشاسعة بين الإدارات الأميركية، من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، كالتي توجد بين بوش الإبن وكلينتون، أو بينه وبين باراك أوباما الذي يستعيد الكثير من سياسات ورجالات عهد كلينتون، إذ كانت الفوارق غير جوهرية وتفصيلية بين ترومان وأيزنهاور في مواضيع (السوفيات والخطر الشيوعي) و(الاقتصاد) وهذا الأمر يلاحظ أيضاً بين كينيدي وجونسون اللذين اشتركا في النظر أميركياً لما سمي بـ (العالم الثالث) لتبدأ الفوارق مع نيكسون (ومستشاره كيسنجر) الذي بدأ بانتهاج سياسة التعايش السلمي مع السوفيات وبقبول الوقائع القائمة في أوروبا وفقاً لـ (يالطا) ولو بالترافق مع محاولة تطويق الكرملين وإضعافه من خلال التقارب مع الصين، وعبر محاولة قلب الوقائع في الشرق الأوسط بواسطة سياسة نقل مصر من الحضن السوفياتي الى الطرف الآخر، لتزداد تلك الفوارق جذرية مع إدارة ريغان الذي قدم رؤية أكثر يمينية في موضوع (الاقتصاد) واعتمد المجابهة مع «امبراطورية الشر» حتى استطاع هزيمة موسكو في الحرب الباردة (1947-1987).
هنا، يلاحظ أن ما بين كل تلك الإدارات الأميركية، الممتدة من ترومان الى ريغان، كانت الاختلافات شاملة مواضيع الاقتصاد والعلاقات الدولية فقط، وأيضاً جوانب من السياسات الداخلية، فيما لم تصل إلى النظرة الفلسفية - الأيديولوجية - السياسية للعالم التي ظلت تجمع أولئك الذين تعاقبوا على البيت الأبيض وإن كان ريغان أكثرهم يمينية. وفي هذا الصدد يلمس، وهذه نقطة لافتة، أن إدارتي بوش الأب (1989-1993) وكلينتون (1993- 2001) مثّلَتا، في ظرف ما بعد الانتصار الأميركي في الحرب الباردة، الكثير من العودة إلى سياسات عهد نيكسون – كيسنجر» الواقعية «على صعيد العلاقات الدولية، وهذا كان الأساس في المنظور المضاد والمعاكس الذي قدمه المحافظون الجدد، الذين رأوا أن الانتصار الأميركي ذاك لا يقود إلى «الإنعزالية» ولا إلى الاعتراف بالوقائع القائمة، وإنما «يجب» أن يتم التحول نحو اقتحامية أميركية تستخدم فيها قوة واشنطن المتفوقة عسكرياً، وإن بتجاوز وقائع الدول القائمة والحدود والمنظمات الدولية، لإعادة صياغة العالم أميركياً وتغييره من خلال بوابتي (اقتصاد السوق) و (الديموقراطية).
مع حملته الانتخابية ثم بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، يعود باراك أوباما إلى منظور كلينتون وبعض مسؤولي إدارة بوش الأب مثل جيمس بيكر ووزير الدفاع المُستبقى غيتس الذي استعان به بوش الإبن بعد استقالة رامسفيلد في خريف عام 2006 إثر وصول سياسات المحافظين الجدد الى الحائط المسدود في العراق وشرق أوسط ما بعد حرب تموز (يوليو) 2006.
السؤال الآن: هل ترجع سياسة أوباما أسبابها وعواملها إلى مآزق وفشل واستعصاءات سياسة إدارة بوش الإبن على الصعيد الدولي أيضاً بعد محطات (أفغانستان) و (لبنان) و (جيورجيا) في عام 2008، وعلى الصعيد الاقتصادي إثر أزمة وول ستريت منذ الخريف الماضي، أم أن هناك عاملاً آخر إضافياً هو الأساس، يتمثل في قوى اجتماعية واقتصادية أميركية حملت أوباما انتخابياً إلى المكتب البيضوي تمتلك رؤية مختلفة عن تلك التي حملت بوش الإبن، في مجال الأيديولوجيا والسياسات الدولية والاقتصاد، وفي المسائل المحلية؟
younes tahiri- عدد الرسائل : 13
تاريخ التسجيل : 08/01/2009
مواضيع مماثلة
» امى لها عين واحدة؟؟؟؟؟؟؟
» سجدة واحدة
» ماذا لو دفعنا ثمن أحلامنا... أمنية واحدة تكفي... مجرد القدرة على الحلم
» نحن في منتدانا الغالي عائلة واحدة يجمعنا الاحترام وعلينا ان نلتزم بخطنا هدا
» أحصل على كل المساحة المهدورة من قرصك الصلب بنقرة واحدة وبدون تنصيب أداة رائعة حجمها 122 kb
» سجدة واحدة
» ماذا لو دفعنا ثمن أحلامنا... أمنية واحدة تكفي... مجرد القدرة على الحلم
» نحن في منتدانا الغالي عائلة واحدة يجمعنا الاحترام وعلينا ان نلتزم بخطنا هدا
» أحصل على كل المساحة المهدورة من قرصك الصلب بنقرة واحدة وبدون تنصيب أداة رائعة حجمها 122 kb
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى