كان غاندي... فانتصر
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كان غاندي... فانتصر
كان غاندي يتكلم الإنكليزية بلهجة أيرلندية، لأن أحد مدرسيه الأوائل في إنكلترا كان أيرلندياً، وهو المدرس ذاته الذي جعله ينسخ موعظة «المسيح على الجبل» مرات عدة كتمرين له في تعلم اللغة، إلاّ أن غاندي الذي استغرق وقته يكتب ويعيد في كلماتها التي تقول: «طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض... طوبى لصانعي السلام...»، فقد ظهر تأثره بها جلياً عندما أرسل في مهمة إلى جنوب أفريقيا ليحصّل ديوناً ضخمة باعتباره محامياً يمثل القانون، حين حاول تطبيق فلسفتها، فنجحت التجربة وتدفق المتقاضون لدفع ما عليهم، نظراً لأسلوبه الذي اتبعه في فض المنازعات بالطرق الودية خارج أروقة المحاكم.
أما كيف نبتت في ذهنه فكرة العصيان المدني التي اتبعها لطرد المحتل لبلاده! فمردّها إلى كتاب قرأه لأحد الأميركيين ويدعى «دافيد ثورو»، كان قد تخرج في جامعة هارفارد وأنفق خمسة جنيهات في إقامة كوخ له على شاطئ «وولدن بوند» المنعزل في ولاية ماساتشوستس» عاش فيه متنسكاً رافضاً دفع الضرائب، فزجّ به في غياهب السجن، حيث وضع كتابه عن العصيان المدني، أصر فيه على أن لا أحد يستطيع إرغام أي فرد على دفع الضرائب، ولكن الناس لم يعيروا كتابه أقل التفاتة، بخلاف غاندي الذي قرأه بعد صدوره بـ75 عاماً، وقرر باستيعابه اتباع ما جاء فيه عندما لم تفِ إنكلترا بوعدها بشأن منح الهند صلاحية حكمها الذاتي، ففي عام 1919 دعا غاندي الشعب الهندي إلى العصيان المدني ضد الاحتلال الانكليزي لبلاده، وإلى مقاطعة سلعهم الإنكليزية والكف عن تأدية الضرائب إليهم، وكان ألصقها ضريبة الملح، ذلك أن الفقر العام في الهند الذي كان يحمل الفقراء على مجرد أكل الخبز أو الرز جعل من الملح ضرورة ملحة يستساغ معها طعم الأكل، ومع هذا، فقد طالب غاندي شعبه بالكف عن دفع الضرائب التي كانت مفروضة على الملح، والسير معه على الأقدام إلى ملاحات الشواطئ حيث يجفف الملح، وهو ما حدث في حشد لم يضعف أهله حتى مع ملاحقة الشرطة المسلحة لهم ضرباً واعتقالاً، ليصل غاندي بمن معه إلى الملاحات ويجمعوا الملح دون أن يؤدوا عنه ثمناً، فيتأكد الهنود أن الامتناع عن أداء الضرائب يمكن التعويل عليه في مكافحة الاستعمار... التصميم الذي لحقه تعميم آخر دعاهم فيه العرّاب غاندي إلى الغزل والنسيج بأيديهم لصناعة قماشهم الوطني تمهيداً لمقاطعة الأقمشة الانكليزية في ما بعد، وفي ذلك يقول الرجل: «إني لأخجل أن أطالب الانكليز بالجلاء إذا كنت لا أزال أحتاج إليهم كي أستر جسمي بالأقمشة التي يصنعونها».
كلمة أخيرة: كان غاندي محامياً في أفريقيا الجنوبية يكسب نحو ستة إلى سبعة آلاف جنيه في العام، وقد تنازل عنها مكتفياً بوزرة من قماش يستر بها بعضاً من جسمه، وعنزة يشرب لبنها، فلم يكلف الأمة التي خدمها أكثر من عشرين قرشاً في الشهر، وهي جملة نفقاته في اللباس والسكن والطعام، ولو كان قد سعى، ولو كان قد اقتنى، لنال ما تمنى، ولكن بلاده عندئذ ما كانت لتحصل على استقلالها. صحيح أن الحرب التي أعلنها على الجهل من تقاليد بلاده كانت أكبر من معركته ضد الاحتلال، ومن ذلك دعوته إلى المساواة بين الجنسين والأديان، ليكون موته قتلاً على يد أحد المتعصبين الهندوس الذين لم يطيقوا تسامحه البار مع غير الهندوسيين، ولكن التاريخ سجل لإرادته وإيمانه اللذين لم يعرفا لا التخاذل و«التمصلح»، ولا التذاكي والتحذلق، خروج المحتل لأرضه، فإن مات دون القضاء على التطرف، فليحمل غيره الشعلة، فإذا لم تكن القوة هي الحق، بل الحق هو القوة، كما عبر عنه يوماً، فمعناه أن صراعنا إن كان حقاً فحتماً ما سيثمر مهما طالت عليه الأيام، ولكن الأهم... في وجود الرجال الشرفاء الذين يقفون وراءه.. ووراء قضايانا!
وقالوا: «خطأ أكبر أن تفضل الحياة على الشرف، وأن تفقد أسباب العيش من أجل الحياة» جوفينال.
أما كيف نبتت في ذهنه فكرة العصيان المدني التي اتبعها لطرد المحتل لبلاده! فمردّها إلى كتاب قرأه لأحد الأميركيين ويدعى «دافيد ثورو»، كان قد تخرج في جامعة هارفارد وأنفق خمسة جنيهات في إقامة كوخ له على شاطئ «وولدن بوند» المنعزل في ولاية ماساتشوستس» عاش فيه متنسكاً رافضاً دفع الضرائب، فزجّ به في غياهب السجن، حيث وضع كتابه عن العصيان المدني، أصر فيه على أن لا أحد يستطيع إرغام أي فرد على دفع الضرائب، ولكن الناس لم يعيروا كتابه أقل التفاتة، بخلاف غاندي الذي قرأه بعد صدوره بـ75 عاماً، وقرر باستيعابه اتباع ما جاء فيه عندما لم تفِ إنكلترا بوعدها بشأن منح الهند صلاحية حكمها الذاتي، ففي عام 1919 دعا غاندي الشعب الهندي إلى العصيان المدني ضد الاحتلال الانكليزي لبلاده، وإلى مقاطعة سلعهم الإنكليزية والكف عن تأدية الضرائب إليهم، وكان ألصقها ضريبة الملح، ذلك أن الفقر العام في الهند الذي كان يحمل الفقراء على مجرد أكل الخبز أو الرز جعل من الملح ضرورة ملحة يستساغ معها طعم الأكل، ومع هذا، فقد طالب غاندي شعبه بالكف عن دفع الضرائب التي كانت مفروضة على الملح، والسير معه على الأقدام إلى ملاحات الشواطئ حيث يجفف الملح، وهو ما حدث في حشد لم يضعف أهله حتى مع ملاحقة الشرطة المسلحة لهم ضرباً واعتقالاً، ليصل غاندي بمن معه إلى الملاحات ويجمعوا الملح دون أن يؤدوا عنه ثمناً، فيتأكد الهنود أن الامتناع عن أداء الضرائب يمكن التعويل عليه في مكافحة الاستعمار... التصميم الذي لحقه تعميم آخر دعاهم فيه العرّاب غاندي إلى الغزل والنسيج بأيديهم لصناعة قماشهم الوطني تمهيداً لمقاطعة الأقمشة الانكليزية في ما بعد، وفي ذلك يقول الرجل: «إني لأخجل أن أطالب الانكليز بالجلاء إذا كنت لا أزال أحتاج إليهم كي أستر جسمي بالأقمشة التي يصنعونها».
كلمة أخيرة: كان غاندي محامياً في أفريقيا الجنوبية يكسب نحو ستة إلى سبعة آلاف جنيه في العام، وقد تنازل عنها مكتفياً بوزرة من قماش يستر بها بعضاً من جسمه، وعنزة يشرب لبنها، فلم يكلف الأمة التي خدمها أكثر من عشرين قرشاً في الشهر، وهي جملة نفقاته في اللباس والسكن والطعام، ولو كان قد سعى، ولو كان قد اقتنى، لنال ما تمنى، ولكن بلاده عندئذ ما كانت لتحصل على استقلالها. صحيح أن الحرب التي أعلنها على الجهل من تقاليد بلاده كانت أكبر من معركته ضد الاحتلال، ومن ذلك دعوته إلى المساواة بين الجنسين والأديان، ليكون موته قتلاً على يد أحد المتعصبين الهندوس الذين لم يطيقوا تسامحه البار مع غير الهندوسيين، ولكن التاريخ سجل لإرادته وإيمانه اللذين لم يعرفا لا التخاذل و«التمصلح»، ولا التذاكي والتحذلق، خروج المحتل لأرضه، فإن مات دون القضاء على التطرف، فليحمل غيره الشعلة، فإذا لم تكن القوة هي الحق، بل الحق هو القوة، كما عبر عنه يوماً، فمعناه أن صراعنا إن كان حقاً فحتماً ما سيثمر مهما طالت عليه الأيام، ولكن الأهم... في وجود الرجال الشرفاء الذين يقفون وراءه.. ووراء قضايانا!
وقالوا: «خطأ أكبر أن تفضل الحياة على الشرف، وأن تفقد أسباب العيش من أجل الحياة» جوفينال.
younes tahiri- عدد الرسائل : 13
تاريخ التسجيل : 08/01/2009
إنهم أناس بسطاء لكنهم عظام
إن مثل هذه الشخصيات أمثال غاندي و عبد الكريم الخطابي و تشيكي فارا وغيرهم من الشخصيات
تركت أثرا عميقا في التاريخ بحكمتهم و تدبرهم و حسن التصرف في مواقف
يصعب على أي إنسان أن يتحكم فيها
شخصيات عاشوا حياة بسيطة مع أبناء شعوبهم لكنهم اناس عظام.
ما أحوجنا إلى قائد مثل هؤلاء يقودنا إلى النصر و حفض السلام و نصرة الحق.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى