حقائق سياسية غيّرتها الحرب على غزة
صفحة 1 من اصل 1
حقائق سياسية غيّرتها الحرب على غزة
إذا كانت الحرب استكمالا للسياسة ولكن بشكل عنيف، فإن حروب إسرائيل تظل هي الأصل وممارسة السياسة هي الاستثناء. وهي حقيقة تاريخية تشهد عليها الحروب السبع التي خاضتها إسرائيل ضد العرب منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا.
وبعيداً عن الأهداف المباشرة للحرب الإسرائيلية الراهنة على غزة، فإن ثمة حقائق كثيرة يجري تقليبها الآن ومن شأنها إعادة تعريف الصراع مع إسرائيل على نحو مفزع. لعل أولها ما سعت إليه إسرائيل طيلة حربها على غزة من إعادة «تسكين» القضية الفلسطينية، ونقلها من كونها قضية حقوق تاريخية ثابتة في مواجهة الاحتلال، كي تضعها في إطار معادلة صراعها الإقليمي مع إيران. ما يعني عملياً تصفية القضية، وعدم الاعتداد بأية محاولات للتسوية قد تُطرح مستقبلاً. ونظرة سريعة على مضمون الخطاب الإعلامي الذي تبنته إسرائيل طيلة الأسبوعين الماضيين تكشف مدى الخبث الإسرائيلي في حشر القضية الفلسطينية، وليس فقط حركة «حماس»، ضمن ما يُطلَق عليه محور «الممانعة» الذي تقوده إيران، ما يوجب تصفيتها ومحاربتها لمصلحة محور «الاعتدال» العربي.
ولسوء الحظ فقد نجح الإسرائيليون في مسعاهم، وحققوا من خلاله ثلاثة مكاسب أساسية، أولها إثارة حالة من البلبلة والتخبط في العالم العربي، ليس فقط إزاء الموقف من حركة «حماس» وإنما، وهذا هو الأخطر، إزاء حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وثاني المكاسب، إثارة حال من التجاذب السياسي والإعلامي بين النخب العربية، ودخول أطراف عديدة في مهاترات ومزايدات أفادت الإسرائيليين والإيرانيين على حد سواء ودفع الأبرياء الفلسطينيون ثمنها. وكان من المفترض أن يفطن الجميع لهذا «المطب»، وأن تتجنب نخبنا الانزلاق في معارك إعلامية وفّرت غطاء لإسرائيل لارتكاب جريمتها في غزة. وثالثها تخدير القوى الكبرى، بخاصة تلك المناهِضة لطهران، وإعطاؤها المبرر للصمت على جريمة غزة. ولعل هذا ما يفسر فشل مجلس الأمن مراراً في اتخاذ موقف من العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين حتى صدور القرار 1860 بعد أسبوعين من بدء الحرب.
الحقيقة الثانية، والأخطر، هي نزع الشرعية عن المقاومة الفلسطينية، وليس فقط عن حركة «حماس»، وهو ما سعت إسرائيل لتحقيقه من خلال ثلاث حِيَل، أولاها محاولة تشويه صورة المقاومة داخل الأراضي الفلسطينية وتشتيت جهدها، وذلك بمحاولة إلحاقها باللعبة الإقليمية وتقطيع أوصالها العربية. لذا سيصبح على فصائل المقاومة من الآن فصاعداً أن تسعى لإزالة الشبهات عن نفسها وإثبات طهارتها من هذه اللعبة، وذلك بدلاً من التركيز على مواجهة إسرائيل. وثانيها، محاولة وقف أي دعم مادي أو عسكري يتم تقديمه لفصائل المقاومة الفلسطينية. ولن يكون غريباً أن يؤدي أي اتفاق لوقف إطلاق النار إلى غلّ يد المقاومة فى مواجهة إسرائيل. وهو ما يتفق مع الهدف الرئيسي من الحرب على غزة وهو تغيير الوقائع على الأرض وإنهاء أي وضع استراتيجي للمقاومة. وثالثها محاولة فرض هدنة طويلة المدى، وهي عبارة مرادفة لإنهاء المقاومة وإبطال حق الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل. ولسوء الحظ فقد وقع كثيرون في هذا الفخ، ولم يفرّقوا بين حركة «حماس»، كفصيل سياسي له أخطاؤه، وكونها بالأساس حركة مقاومة. وبين ما تسعى إسرائيل لترسيخه في الوعي الغربى بأنه لا فارق بين حركة «حماس» وتنظيم «القاعدة».
الحقيقة الثالثة هي أن إسرائيل تسعى لتكريس السيناريو اللبناني في شمال قطاع غزة، بمعنى المطالبة بوضع مسافة فاصلة على حدودها الجنوبية مع غزة، سواء تم ذلك من خلال احتلال هذه المناطق للأبد أو وضع نقاط مراقبة دولية عليها. وهو ما يعني عملياً تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة ونسف أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية مترابطة. وقد يكون هذا مقدمة لمطالبة إسرائيل لاحقاً بالعودة إلى الخيارين الأردني والمصري في ما يخص الإشراف على الضفة الغربية وقطاع غزة على التوالي.
والحقيقة الرابعة هي رفع الغطاء العربي عن القضية الفلسطينية برمّتها، وليس عن المقاومة فحسب، وما قد يصحب ذلك من قبول بأية رؤية قد تفرضها إسرائيل للتسوية، حتى وإن جاءت على حساب الثوابت الفلسطينية. وهنا قد تصبح القضايا الأساسية أو ما يطلق عليه قضايا الحل النهائي من إرث الماضي. وهو ما يتناغم مع الإشارات الواضحة التي أرسلتها إسرائيل منذ مؤتمر أنابوليس وحتى وقوع جريمة غزة، سواء في ما يتصل بالطابع الديني للدولة اليهودية، ومبادلة المستوطنات الإسرائيلية بممرّ بري يربط بين الضفة وغزة، ناهيك عن معضلة قضيتي اللاجئين والقدس.
والحقيقة الخامسة هي انهيار قوة الردع «المعنوي» العربي لإسرائيل، وذلك عطفاً على حال الانقسام التي أصابت الموقف العربي من أزمة غزة. ومن المدهش أن الانقسام هذه المرة، وعلى خلاف مرات سابقة كانت آخرها حرب لبنان 2006، لم يأت بسبب خطأ ارتكبه الفلسطينيون تجاه إسرائيل، وإنما بالأحرى بسبب قنوط البعض من حركة «حماس» والرغبة في التخلص من تبعاتها التي أرهقتهم طيلة العامين الماضيين.
أما الحقيقة الأخيرة فهي أن أي حديث عن الاستقرار في الشرق الأوسط بات وهماً، حتى مع الانسحاب الأميركي من العراق، وأفول تنظيم «القاعدة». فما دامت إسرائيل لا ترى غضاضة فى تصفية القضية الفلسطينية بطريقتها الآنية، وما دام أن لديها شعوراً بعدم وجود أية موانع تحول دون ذلك، فلا طائل من وراء مبادرات للسلام تجاوزها الواقع.
قطعاً أخطأت حركة «حماس» في حساباتها الاستراتيجية طيلة العامين الماضيين، ولا بد من أن تعيد النظر في هذه الأخطاء بشكل سريع خاصة أن ثمنها بات مكلفاً وذلك على نحو ما يحدث الآن في قطاع غزة. بيد أن أخطاءها لا تقل فداحة عن تلك التي قامت بها حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية طيلة السنوات الماضية حين استسلمت لأفخاخ الإسرائيليين والأميركيين، ونثرت بخياراتها بذور الانقسام الراهن في الشارع الفلسطيني.
جردة حساب للحرب على غزة تكشف بجلاء أن الرابحين هم إسرائيل وإيران وتركيا، وأن الخاسرين هم الفلسطينيون والعرب. ربحت تل أبيب بإنهاك المقاومة سياسيا وعسكرياً، وجرجرة القضية نحو «المتاهة» الاقليمية، وربحت طهران بتفجير القضية الفلسطينية في محيطها العربي وترسيخ الانقسام الفلسطيني، وربحت أنقرة بإيجاد موطئ قدم معتبر لها في فنائها الخلفي في الشرق الأوسط. في حين خسر الفلسطينيون دماً ودعماً ومستقبلاً، وخسر العرب قضيتهم المركزية وباتوا على وشك الدخول في صراع في ما بينهم قد لا يستثني أحداً.
[]
وبعيداً عن الأهداف المباشرة للحرب الإسرائيلية الراهنة على غزة، فإن ثمة حقائق كثيرة يجري تقليبها الآن ومن شأنها إعادة تعريف الصراع مع إسرائيل على نحو مفزع. لعل أولها ما سعت إليه إسرائيل طيلة حربها على غزة من إعادة «تسكين» القضية الفلسطينية، ونقلها من كونها قضية حقوق تاريخية ثابتة في مواجهة الاحتلال، كي تضعها في إطار معادلة صراعها الإقليمي مع إيران. ما يعني عملياً تصفية القضية، وعدم الاعتداد بأية محاولات للتسوية قد تُطرح مستقبلاً. ونظرة سريعة على مضمون الخطاب الإعلامي الذي تبنته إسرائيل طيلة الأسبوعين الماضيين تكشف مدى الخبث الإسرائيلي في حشر القضية الفلسطينية، وليس فقط حركة «حماس»، ضمن ما يُطلَق عليه محور «الممانعة» الذي تقوده إيران، ما يوجب تصفيتها ومحاربتها لمصلحة محور «الاعتدال» العربي.
ولسوء الحظ فقد نجح الإسرائيليون في مسعاهم، وحققوا من خلاله ثلاثة مكاسب أساسية، أولها إثارة حالة من البلبلة والتخبط في العالم العربي، ليس فقط إزاء الموقف من حركة «حماس» وإنما، وهذا هو الأخطر، إزاء حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وثاني المكاسب، إثارة حال من التجاذب السياسي والإعلامي بين النخب العربية، ودخول أطراف عديدة في مهاترات ومزايدات أفادت الإسرائيليين والإيرانيين على حد سواء ودفع الأبرياء الفلسطينيون ثمنها. وكان من المفترض أن يفطن الجميع لهذا «المطب»، وأن تتجنب نخبنا الانزلاق في معارك إعلامية وفّرت غطاء لإسرائيل لارتكاب جريمتها في غزة. وثالثها تخدير القوى الكبرى، بخاصة تلك المناهِضة لطهران، وإعطاؤها المبرر للصمت على جريمة غزة. ولعل هذا ما يفسر فشل مجلس الأمن مراراً في اتخاذ موقف من العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين حتى صدور القرار 1860 بعد أسبوعين من بدء الحرب.
الحقيقة الثانية، والأخطر، هي نزع الشرعية عن المقاومة الفلسطينية، وليس فقط عن حركة «حماس»، وهو ما سعت إسرائيل لتحقيقه من خلال ثلاث حِيَل، أولاها محاولة تشويه صورة المقاومة داخل الأراضي الفلسطينية وتشتيت جهدها، وذلك بمحاولة إلحاقها باللعبة الإقليمية وتقطيع أوصالها العربية. لذا سيصبح على فصائل المقاومة من الآن فصاعداً أن تسعى لإزالة الشبهات عن نفسها وإثبات طهارتها من هذه اللعبة، وذلك بدلاً من التركيز على مواجهة إسرائيل. وثانيها، محاولة وقف أي دعم مادي أو عسكري يتم تقديمه لفصائل المقاومة الفلسطينية. ولن يكون غريباً أن يؤدي أي اتفاق لوقف إطلاق النار إلى غلّ يد المقاومة فى مواجهة إسرائيل. وهو ما يتفق مع الهدف الرئيسي من الحرب على غزة وهو تغيير الوقائع على الأرض وإنهاء أي وضع استراتيجي للمقاومة. وثالثها محاولة فرض هدنة طويلة المدى، وهي عبارة مرادفة لإنهاء المقاومة وإبطال حق الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل. ولسوء الحظ فقد وقع كثيرون في هذا الفخ، ولم يفرّقوا بين حركة «حماس»، كفصيل سياسي له أخطاؤه، وكونها بالأساس حركة مقاومة. وبين ما تسعى إسرائيل لترسيخه في الوعي الغربى بأنه لا فارق بين حركة «حماس» وتنظيم «القاعدة».
الحقيقة الثالثة هي أن إسرائيل تسعى لتكريس السيناريو اللبناني في شمال قطاع غزة، بمعنى المطالبة بوضع مسافة فاصلة على حدودها الجنوبية مع غزة، سواء تم ذلك من خلال احتلال هذه المناطق للأبد أو وضع نقاط مراقبة دولية عليها. وهو ما يعني عملياً تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة ونسف أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية مترابطة. وقد يكون هذا مقدمة لمطالبة إسرائيل لاحقاً بالعودة إلى الخيارين الأردني والمصري في ما يخص الإشراف على الضفة الغربية وقطاع غزة على التوالي.
والحقيقة الرابعة هي رفع الغطاء العربي عن القضية الفلسطينية برمّتها، وليس عن المقاومة فحسب، وما قد يصحب ذلك من قبول بأية رؤية قد تفرضها إسرائيل للتسوية، حتى وإن جاءت على حساب الثوابت الفلسطينية. وهنا قد تصبح القضايا الأساسية أو ما يطلق عليه قضايا الحل النهائي من إرث الماضي. وهو ما يتناغم مع الإشارات الواضحة التي أرسلتها إسرائيل منذ مؤتمر أنابوليس وحتى وقوع جريمة غزة، سواء في ما يتصل بالطابع الديني للدولة اليهودية، ومبادلة المستوطنات الإسرائيلية بممرّ بري يربط بين الضفة وغزة، ناهيك عن معضلة قضيتي اللاجئين والقدس.
والحقيقة الخامسة هي انهيار قوة الردع «المعنوي» العربي لإسرائيل، وذلك عطفاً على حال الانقسام التي أصابت الموقف العربي من أزمة غزة. ومن المدهش أن الانقسام هذه المرة، وعلى خلاف مرات سابقة كانت آخرها حرب لبنان 2006، لم يأت بسبب خطأ ارتكبه الفلسطينيون تجاه إسرائيل، وإنما بالأحرى بسبب قنوط البعض من حركة «حماس» والرغبة في التخلص من تبعاتها التي أرهقتهم طيلة العامين الماضيين.
أما الحقيقة الأخيرة فهي أن أي حديث عن الاستقرار في الشرق الأوسط بات وهماً، حتى مع الانسحاب الأميركي من العراق، وأفول تنظيم «القاعدة». فما دامت إسرائيل لا ترى غضاضة فى تصفية القضية الفلسطينية بطريقتها الآنية، وما دام أن لديها شعوراً بعدم وجود أية موانع تحول دون ذلك، فلا طائل من وراء مبادرات للسلام تجاوزها الواقع.
قطعاً أخطأت حركة «حماس» في حساباتها الاستراتيجية طيلة العامين الماضيين، ولا بد من أن تعيد النظر في هذه الأخطاء بشكل سريع خاصة أن ثمنها بات مكلفاً وذلك على نحو ما يحدث الآن في قطاع غزة. بيد أن أخطاءها لا تقل فداحة عن تلك التي قامت بها حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية طيلة السنوات الماضية حين استسلمت لأفخاخ الإسرائيليين والأميركيين، ونثرت بخياراتها بذور الانقسام الراهن في الشارع الفلسطيني.
جردة حساب للحرب على غزة تكشف بجلاء أن الرابحين هم إسرائيل وإيران وتركيا، وأن الخاسرين هم الفلسطينيون والعرب. ربحت تل أبيب بإنهاك المقاومة سياسيا وعسكرياً، وجرجرة القضية نحو «المتاهة» الاقليمية، وربحت طهران بتفجير القضية الفلسطينية في محيطها العربي وترسيخ الانقسام الفلسطيني، وربحت أنقرة بإيجاد موطئ قدم معتبر لها في فنائها الخلفي في الشرق الأوسط. في حين خسر الفلسطينيون دماً ودعماً ومستقبلاً، وخسر العرب قضيتهم المركزية وباتوا على وشك الدخول في صراع في ما بينهم قد لا يستثني أحداً.
[]
younes tahiri- عدد الرسائل : 13
تاريخ التسجيل : 08/01/2009
مواضيع مماثلة
» الحرب بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني قد بدات على موقع يوتوب
» حقائق علمية مهمه .. أدخل واكتشف بنفسك
» مخاطر عدم اغلاق الجوال اثناء النوم : حقائق مذهله!!!
» حقائق علمية مهمه .. أدخل واكتشف بنفسك
» مخاطر عدم اغلاق الجوال اثناء النوم : حقائق مذهله!!!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى